تتمتع حضارة مصر القديمة بتاريخ عريق يضم عدد لا يحصى من المواقع المصرية الرائعة كأهرامات الجيزة المشهورة. وبينما لا شك أن هذه الأماكن أيقونية وملهمة للدهشة، إلا أن هناك العديد من المواقع المصرية القديمة التي تستحق الزيارة والتعرف عليها. إليك في هذا المقال 12 موقعًا أثريًا مصريًا يستحقوا الزيارة والاستكشاف.
المواقع الأثرية المصرية القديمة في الجيزة:
تُعد مصر القديمة موطنًا لحضارة غنية تمتد لآلاف السنين، تاركة وراءها إرثًا من المعالم الأثرية المذهلة التي تُذهل العقول وتثير فضول الزائرين. ولكن بينما تُعد الأهرامات في الجيزة من أشهر المواقع الأثرية في مصر، إلا أنّ هناك العديد من المواقع الأخرى التي لا تقل روعةً وغنىً عن التاريخ، والتي قد لا يعرفها الكثيرون. في هذه الرحلة عبر الزمن، سنأخذكم في جولة لاكتشاف 12 موقعًا أثريًا نادرًا في مصر.
هرم سنفرو المائل:
يقع الهرم المائل بين المواقع المصرية القديمة الرائعة وقد أمر ببنائه الملك سنفرو، الحاكم العظيم للأسرة الرابعة. يُطلق عليه اسم “المائل” بسبب شكله غير المعتاد الناجم عن تغيير الزاوية أثناء البناء. كان من المفترض بناء الهرم بزاوية 55 درجة، ولكن بسبب الحمل الزائد للكتل، كان لابد من تعديله إلى 43 درجة لمنعه من الانزلاق. ومع ذلك، حتى مع هذه التعديلات، قرر مهندسو الملك بناء هرم جديد قريبًا منه، وهو الهرم الأحمر. تمثل الزاوية الأولية للهرم المائل تحولًا من طراز الهرم المدرج للملك زوسر في سقارة إلى الأهرامات.
صمم الهرم المائل بمدخلين؛ أحدهما على الجانب الشمالي وله سلالم خشبية معاصرة. والآخر على الجانب الغربي وهو مرتفع. كلا المدخلين يؤديان إلى حجرة ذات سقف على شكل قبة، مما يخلق تأثيرًا تدريجيًا. تقع غرفة المدخل الشمالي تحت مستوى الأرض، بينما تقع غرفة المدخل الغربي أعلى في جسم الهرم المائل.
الهرم الأحمر
يُعرف الهرم الأحمر باسم الهرم الشمالي، وهو أحد أهم المعالم الأثرية التي تمثل حضارة مصر القديمة، يقع في دهشور بمحافظة الجيزة. يُعدّ هذا الهرم الأكبر في دهشور، ويُنسب اسمه إلى لونه الأحمر الصدئ، الناتج عن نوع الحجر الجيري المستخدم في بنائه. ويحتلّ الهرم الأحمر مكانة مميزة بين أهرامات مصر، حيث يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الحجم بعد هرمي خوفو وخفرع في الجيزة. بنى الملك سنفرو الهرم الأحمر بعد بناء الهرم المائل وهرم ميدوم. ويعتقد أن بناء هذا الهرم استغرق حوالي 10 سنوات.
يمكن للزوار دخول الهرم من خلال مدخل على الجانب الشمالي، يؤدي إلى ممر يميل إلى أسفل إلى معرض آخر ذي سقف مقبب. يوجد غرفة ثانية داخل الهرم يمكن الوصول إليها من خلال ممر آخر. تقع هذه الغرفة في وسط الهرم، ويؤدي ممر إلى الجنوب إلى غرفة ثالثة يعتقد أنها غرفة دفن الهرم.
الهرم الأسود
يجسد الهرم الأسود للملك أمنمحات الثالث إبداع وتصميم المواقع الأثرية المصرية القديمة. يقع في دهشور بمحافظة الجيزة. يُعدّ هذا الهرم من أعظم عجائب مصر القديمة، حيث يُجسّد إبداع وتصميم المواقع الأثرية لتلك الحقبة. بُني الهرم الأسود خلال عهد الملك أمنمحات الثالث، أحد ملوك الأسرة الثانية عشر، باستخدام حجارة سوداء من المنطقة المحيطة. وهذا ما يميزه عن باقي الأهرامات المصرية، التي بُنيت عادةً من الحجر الجيري الأبيض.
هرم جدف رع
لطالما اعتقد علماء المصريات أن هرم جدف رع في أبو رواش قد اكتمل بناؤه، لكنّ الاكتشافات الحديثة التي قام بها عالم الآثار مايكل بود قد قلبت هذه النظرية رأسًا على عقب.
تشير حفريات بود إلى أنّ الهرم لم يكتمل بناؤه، وأنّه لو كان قد اكتمل لكان قد نافس هرم منقرع، ثالث أكبر أهرامات الجيزة، في الحجم.
كان هرم جدف رع يُعدّ في الأصل أجمل الأهرامات، حيثُ كان مُغطّى بطبقة خارجية من الجرانيت المصقول المستورد والحجر الجيري، وكان مُتوّجًا بهرم مصغر كبير.
ولكن بسبب عدم اكتماله، يُعتقد أنّه قد تمّ تفكيكه بشكل كبير خلال العصر الروماني، حيثُ استخدمت أحجاره لبناء مشاريع أخرى. ويُقال أنّ الاسم القديم للهرم كان “سماء دجيدف رع المرصعة بالنجوم”.
يُشير عالم الآثار ميروسلاف فيرنر في كتابه “الأهرامات” إلى أنّ عملية تدمير الهرم قد بدأت في نهاية الدولة الحديثة على أبعد تقدير، وازدادت حدّةً خلال العصور الرومانية والمسيحية الأولى، عندما تمّ بناء دير في وادي القرين القريب منه.
هرم زوسر
هرم سقارة المدرج، الذي تم بناؤه خلال الأسرة الثالثة تحت حكم الملك نترخت (المعروف أيضًا باسم زوسر)، هو أحد النصب التاريخية الرائعة في تاريخ مصر. يمثل نقطة تحول هامة في عمارة الدفن المصرية القديمة، وثورة في ممارسات الدفن الملكي واستخدام الحجر. يُعتبر هرم سقارة المدرج، الجميل والضخم في المقام، أقدم هرم معروف مبني من الحجر في مصر القديمة، ويعتبر أول هرم تم بناؤه على الإطلاق. قبل بنائه، كان يتم دفن الملوك والنبلاء المصريين في المصاطب المستطيلة المبنية فوق مواقع الدفن.
هرم أوناس
يُعد هرم أوناس، أحد أهرامات سقارة، صرحًا هامًا من عصر الدولة الخامسة، ليس لحجمه فقط، بل لما يحويه من كنوز أثرية لا تقدر بثمن. فهو يضم أقدم النصوص الجنائزية المعروفة، والتي تُعرف باسم “نصوص الهرم”. نُقشت هذه النصوص على جدران حجرة الدفن، وكانت بمثابة أدعية وتعاويذ تهدف إلى مساعدة روح الفرعون أوناس في رحلته إلى العالم الآخر وتحقيق الخلود.
يُشكل هرم أوناس، كغيره من الأهرامات، مجمعًا جنائزيًا متكاملًا يتكون من:
الهرم الرئيسي: هيكل ضخم مبني من الحجر الجيري، يضم حجرة الدفن التي تحتوي على نصوص الهرم.
معبد الوادي: يقع على ضفاف نهر النيل، وكان يستخدم لاستقبال جسد الفرعون وتقديم القرابين له.
المعبد الجنائزي: يقع بجوار الهرم الرئيسي، وكان مخصصًا للطقوس الجنائزية وإحياء ذكرى الفرعون.
الجسر: يربط بين معبد الوادي والمعبد الجنائزي، وكان مُزينًا برسومات ونقوش تُجسد رحلة الفرعون إلى الخلود.
سيرابيوم سقارة
سيرابيوم سقارة هو مزار مقدس يقع في منطقة سقارة الأثرية، مخصص لعبادة ثيران آبيس، رمز الإله بتاح. بُني سيرابيوم خلال عصر المملكة الجديدة في عهد الملك آمنحتب الثالث، واستمر استخدامه حتى فترة البطالمة.
يحتوي على ممر الأساطير الذي يقود ممرًا طويلًا مزينًا بتماثيل الأساطير المصرية القديمة إلى سيرابيوم، ليُضفي لمسة من الروعة على هذا الموقع التاريخي.
يوجد أيضًا مأوى للثيران المقدسة حيث يتكون سيرابيوم سقارة من ممرين طويلين، تم استخدامهما كموقع دفن لبقايا الثيران المحنطة.
هرم تتي
تتي هو فرعون مصري عظيم من السلالة السادسة، حكم من 2345 إلى 2323 قبل الميلاد. اشتهر ببناء هرمه الضخم في سقارة، والذي يُعد من أقدم الأهرامات في مصر. تم تشييد مجمع هرم تتي بالقرب من هرم دجوزر، أحد أهرامات الجيزة الشهيرة. بلغ ارتفاع هرم تتي الأصلي 52.5 مترًا، مما جعله هرمًا ضخمًا في عصره. تميز هرم تتي بتركيبة بنائية فريدة، حيث تم بناء الطبقة الخارجية من حجر الجير عالي الجودة، بينما تم بناء النواة الداخلية من قطع صغيرة من الحجر الجيري المحلي وحطام البناء. يُقدم هرم تتي معلومات قيمة عن عمارة الأهرامات في عصر الدولة السادسة.
مقبرة مريروكا
مريروكا هو وزير بارز عاش خلال عهدي الملكين تتي (2345-2323 قبل الميلاد) ووسر (2323-2318 قبل الميلاد). شغل مريروكا منصب الوزير الأعلى، مما جعله شخصية ذات نفوذ وثراء هائل. تعزز مكانته الاجتماعية من خلال زواجه من ابنة أحد أبناء الملك تتي.
يُعد مريروكا شاهدًا على فترة شهدت ازديادًا كبيرًا في قوة النخبة خلال حكم أول ملكين في السلالة السادسة. تُعد مقبرة مريروكا، التي تقع شمال هرم تتي في سقارة، واحدة من أكبر المقابر في مقبرة تتي، مما يدل على ثروته و مكانته الاجتماعية. وهي واحدة من أجمل المقابر المزخرفة في العصر القديم (2686-2181 قبل الميلاد)، حيث تُزين جدرانها برسومات ونقوش تُصور مشاهد من حياته ومهام عمله.
- متحف ميت رهينة
ميت رهينة هي منطقة أثرية غنية بالكنوز الفرعونية، تقع في محافظة الجيزة بمصر. تُكشف البعثات الأثرية العاملة في ميت رهينة عن قطع أثرية جديدة بشكل مستمر. تم اكتشاف تمثال ملكي نادر للملك رمسيس الثاني على هيئة “الكا”. كشفت أعمال حفائر الإنقاذ عن كتل أثرية ضخمة مغمورة في المياه الجوفية. كانت جزءًا من العاصمة القديمة “منف”. عُثر فيها على تمثال الملك رمسيس الثاني الشهير. تُعد مدينة تاريخية هامة تضم معابد وقصور ومبانٍ وتماثيل غير مكتشفة.
- متحف إمحوتب
متحف إمحوتب: صرح ثقافي فريد يقع في منطقة سقارة الأثرية، مخصص لتكريم عبقرية إمحوتب، المهندس المعماري العظيم الذي صمم هرم دجوزر، أول هرم حقيقي في التاريخ.
يضم المتحف ستة قاعات تعرض مجموعة متنوعة من القطع الأثرية التي تم اكتشافها في موقع سقارة. تشمل هذه القطع التماثيل والتوابيت واللوحات والأواني والعناصر المعمارية، والتي تُقدم نظرة ثاقبة على حضارة مصر القديمة وفنونها ومهاراتها المعمارية.
ومن أبرز القاعات في متحف إمحوتب هي قاعة خاصة تم تصميمها على شكل مقبرة كاملة تعرض بها مومياء وتابوت خشبي وعدد من الأثاث الجنائزي. وقاعة جان فيليب المخصصة لذكرى جان فيليب، عالم الآثار الفرنسي الذي لعب دورًا هامًا في تأهيل هرم سقارة.
لكل قطعة أثرية حكاية ولغز يستكشفه العلماء عبر الزمن، وفي منطقة الجيزة فقط تم اكتشاف العديد من المعالم التي تكشف أسرار حضارة مصر القديمة. تابع موقع استيتبوك لقراءة الجزء الثاني من هذه المدونة تحت اسم “مواقع أثرية مصرية لم يسبق لك زيارتهم من قبل في محافظات مصر المختلفة”.
